وأشهدُ ألَّا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، شهادةَ من نطق لسانُه، واعتقد جَنانُه، وعملت أركانُه. وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه الرفيعُ مكانُه، المنيعُ عزُّه وشأنُه.
اللهمَّ فصلِّ وسلِّم وبارِكْ على هذا الرسولِ الكاملِ إيقانُه، البالغِ إلى أعلى الدَّرجات إيمانُه: سيدِنا محمدٍ، وعلى آله الذين صحَّ لهم من الله مَنُّه وأمانُه، وعلى أصحابه الذين أوضحوا مناهجَ الشرع، فاتضح بيانُه، وتسدَّدَ بنيانُه؛ وعلى تابعيهم بإحسانٍ إلى أن يُقبَضَ من الدهرِ عِنانُه.
أما بعدُ، فيا عبادَ الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتَّقوه حقَّ تُقاتِه، فإنَّها محرَّمةٌ على غير تُقاته (١) جِنانُه. واجتنِبُوا معاصيَه، فإنَّها تجبُ لأهلِ معصيته نيرانُه. فاللهَ اللهَ، إياكم وأمنَ مكرِه، فيحقَّ عليكم غضبُه بما كان منكم عصيانُه.
واعلموا أنَّ دنياكم هذه خدَّاعة مكَّارة غدَّارة ختَّارة، لا يهنأ خيرُها، ولا
(١) يعني الأتقياء. في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨] أجاز أبو علي أن يكون "تُقاة" جمع فاعل وإن كان لم يستعمل منه فاعل، وأن يكون جمع تقيّ. وكلا التجويزين فيه نظر.