للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرجع خالد، فلمَّا أبْصَرَتْه السَّدَنة مضوا وهم يقولون: يا عُزَّى! يا عُزّى! فأتاها فإذا امرأة ناشرة شعرها، تَحْثُو على رأسها، فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فأخبره، فقال عليه الصلاة والسلام: "تلك العُزَّى".

وفي رواية: فقطعها، فخرجت منها شيطانة، ناشرة شعرها ... (١).

فالشياطين لمَّا سوَّلوا للإنس أن يقولوا: إن لله بنتًا اسمها "العُزَّى"، ويتَّخذوا لها وثنًا ويعبدوه = وكَّلَ الشياطين بذلك الوثن أنثى منهم، قائلين: هذه العُزَّى؛ لأنَّها أنثى غيبية، فأمَّا الملائكة فليسوا بإناث.

وتارة على أنَّهم يعبدون الجن، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: ٤٠ ــ ٤١].

أكثر أهل العلم يفسِّرون عبادة الشياطين بطاعتهم. والتحقيق أنَّها طاعة


(١) "روح المعاني" ج ٨ ص ٢٥٦ ــ ٢٥٧. [المؤلف].
والحديث أخرجه أبو يعلى (٢/ ١٩٦)، والطبراني كما في "مجمع الزوائد" (٦/ ١٧٦) ومن طريقهما الضياء في "المختارة" (٨/ ٢١٩ - ٢٢٠)، من طريق علي بن المنذر عن ابن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل به.
قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ١٧٦): "وفيه يحيى [كذا! والصواب: علي] بن المنذر، وهو ضعيف".
قلت: علي بن المنذر هو الأودي، وثَّقه النسائي، وقال أبو حاتم: "محلُّه الصدق"، وقال ابن أبي حاتم وابن نمير: "ثقة صدوق"، يُنظَر: "تهذيب الكمال" للمزي (٢١/ ١٤٥). فلا أقل من أن يكون صدوقًا.