الأوّل: كلمات كان في غنىً عنها، كقوله في بعض ما أخذه على البخاري:"وهذا خطأ قبيح" ونحو ذلك، ولولا أنّ الأئمة قبله قد أطلقوا كلمة "الوهم" على ما يشاكل تلك القضايا التي سماها أوهامًا لأخذنا عليه هذه الكلمة؛ لأنّها قد تُشْعِر بالغفلة، وعامة ما يصحّ فيه قوله من تلك القضايا إنّما هي أخطاء اجتهادية بنى مَن وقعت له على ما عنده من الأدلة، والأدلة في هذا الباب منتشرة غاية الانتشار، وفي "تاريخ البخاري" بضعة عشر ألف ترجمة، وقد يتعلق بالترجمة الواحدة عددٌ من الأخبار، ولو تحرّى البخاري أن لا يقع له خطأ البتة لترك علمه في صدره. على أنّ كثيرًا من القضايا التي ذكر الخطيب أنّ البخاري وهم فيها، إنّما جاء الوهم من نُسْخة الخطيب أو من غفلته عن اصطلاح البخاري أو إشارته، وسأنبه على ما تنبهت له من ذلك، وعلى كل حال فالأوهام هنا ليست من قبيل أوهام الرواة التي تنشأ عن غفلة أو نسيان أو نحو ذلك، ممّا يخدش في حفظ الراوي وضبطه.
الأمر الثاني ممّا نأخذه على الخطيب: أنّه يستشهد في توهيم الأئمة بروايات من طريق بعض الكذابين أو المتَّهمين، وكان عليه إن لم يُعرض عنها البتة أن ينصّ على عذره، كأن يقول: وفلان وإن كان معروفًا بالكذب فلا مانع من الاستشهاد به في مثل هذا؛ لأنّه لا غرض له في الكذب فيه، وإذًا لقبلنا منه هذا العذر على ما فيه.
الثالث: أنّه يذكر بعض قضايا قد سبقه إلى مثل قوله فيها من هو أجلّ منه، فلا يذكر ذلك مع أنّ الظاهر أنّه وقف عليه. ولسنا ننكر على الخطيب أنّه