للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال (١):

«باب ذكر الاستواء على العرش: إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: نقول: إن الله عز وجل مستوٍ على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، وقد قال الله عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨]، وقال عز وجل: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: ٥]، وقال حكاية عن فرعون: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٦ - ٣٧] كذَّبَ موسى عليه السلام في قوله: إن الله عز وجل فوق السماوات. وقال عز وجل: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: ١٦]، فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، فالعرش أعلى السماوات ... ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السماوات ... (سؤال) وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية: إن قول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} إنه استولى وملك وقهر، وإن الله عز وجل في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله عز وجل على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة. ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض ... وزعمت المعتزلة


(١) «الإبانة» (ص ٣٣ - ٣٧).