للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: يعني أنه قال أوّلًا: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... » مع أنه إنما سمعه مِن بعض الصحابة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا هو إرسال الصحابي الذي تقدم (١) أنه ليس بتدليس، ولكنه على صورته، والله أعلم.

ثم قال أبو ريَّة ص ١٦٦: (قال ابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» ص ٥٠: وكان أبو هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، وإنما سمعه من الثقة عنه فحكاه).

أقول: تتمة كلام ابن قتيبة: «وكذلك كان ابن عباس يفعل وغيره من الصحابة، وليس في [ص ١١٨] هذا كذب بحمد الله، ولا على قائله ــ إن لم يفهمه السامع ــ جُنَاح إن شاء الله». والمراد بالثقة الثقة من الصحابة على ما قدمت، وقدّمت أنّ مثل ذلك من الصحابة كان عند السامعين محتملًا على السواء لأنْ يكون بلا واسطة، وأن يكون بواسطة صحابيّ آخر، والمخبر الذي أخبر أبو هريرة صحابي كما يأتي (٢).

ثم قال أبو ريَّة: (أول راوية اتهم في الإسلام. قال ابن قتيبة .... إنه لما أتى أبو هريرة من الرواية عنه - صلى الله عليه وسلم - ما لم يأت بمثله مَن صَحِبه مِن جلة أصحابه والسابقين الأولين اتهموه وأنكروا عليه وقالوا: كيف سمعتَ هذا وحدك؟ ومن سمعه معك؟ وكانت عائشة رضي الله عنها أشدهم إنكارًا عليه لتطاول الأيام بها وبه).

أقول: تتمة كلام ابن قتيبة: «فلما أخبرهم أبو هريرة بأنه كان ألْزَمهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخدمته وشبع بطنه ... فعرَف ما لم يعرفوا وحفظ ما لم يحفظوا، أمسكوا عنه». وكلمة «اتهموه» كلمة نابية يتبرّأ منها الواقع، فإنه لم


(١) (ص ٢٢٢).
(٢) (ص ٢٣٢، ٣٨١).