للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا الطُّلقاء من أهل مكة فلم يرتدّ منهم أحد بعده صلى الله عليه وآله وسلم، وقد شملتهم بعضُ الآيات المتقدّمة كما يعلم بمراجعتها، وكذلك تشملهم بعض الأحاديث، كالحديث المشهور: "خير الناس قرني ... " (١).

وبالجملة فتعديل الله عز وجل ورسوله ثابت للمهاجرين عامة، ولم يجئ ما يخصِّصه.

وأمّا الأنصار؛ فالثناء عليهم عام، ولكن قد كان من الأوس والخزرج منافقون لكنهم قليل، ولم يحضر من المنافقين أحدٌ بيعةَ العقبة، ولا شهد بدرًا ولا أحدًا، فإنَّ كبيرهم اعتزل بهم، والظاهر أنه لم يبايع تحت الشجرة أحدٌ منهم، وقد قيل: إنه كان هناك واحد منهم فلم يبايع وقد سُمّي (٢).

وقول الله عز وجل في ذكر تخلُّفهم عن غزوة تبوك: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} الآية [التوبة: ٤٦ ــ ٤٧] يقتضي أنه لم يشهد تبوك أحدٌ منهم.

ولكن رُوي أن اثني عشر منهم اعترضوا النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم مَرْجِعَه من تبوك، وأرادوا تَرْديته من العقبة (٣).


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥٢)، ومسلم (٢٥٣٣) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(٢) هو الجدّ بن قيس أخو بني سَلِمة. انظر "السيرة النبوية": (ق ٢/ ٣/٣١٦) لابن هشام.
(٣) أخرجه البيهقي في "الكبرى": (٩/ ٢٣) من مرسل عروة بن الزبير، وذكره الواقدي في "المغازي" (٣/ ١٠٤٢).