للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان كلها أو أكثرها مصدَّرًا بقوله: «من محمد رسول الله الخ». هذا كلّه على فرض صحة حديث أبي سعيد. أما على ما قاله البخاري وغيره من عدم صحته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فالأمر أوضح، وسيأتي ما يشهد لذلك.

قال أبو ريَّة ص ٢٣: (وروى الحاكم بسنده عن عائشة قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت خمسمائة حديث، فبات يتقلب ... فلما أصبح قال: أي بُنيَّة هَلُمِّي الأحاديث التي عندك، فجئته بها فأحرقها، وقال: خشيت أن أموت وهي عندك، فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك. زاد الأحوص بن المفضل في روايته: أو يكون قد بقي حديث لم أجده فيقال: لو كان قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما خفي على أبي بكر).

أقول: لو صحَّ هذا لكان حجة على ما قلناه، فلو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كتابة الأحاديث مطلقًا لما كتب أبو بكر. فأما الإحراق فلسبب أو سببين آخرين كما رأيت. لكن الخبر ليس بصحيح، أحال به أبو ريَّة على «تذكرة الحُفّاظ» (١) للذهبي و «جمع الجوامع» للسيوطي، ولم يذكر طعنهما فيه، ففي «التذكرة» عقبه: «فهذا لا يصح».

[ص ٢٥] وفي «كنز العمال» (٥: ٢٣٧) (٢) ــ وهو ترتيب جمع الجوامع ومنه أخذ أبو رية ــ: «قال ابن كثير: هذا غريب من هذا الوجه جدًّا. وعلي بن صالح (أحد رجال سنده) لا يعرف».

أقول: وفي السند غيره ممن فيه نظر. ثم وجَّهه ابنُ كثير على فرض صِحَّته.


(١) (١/ ٥).
(٢) (١٠/ ٢٨٥ ــ ط الرسالة). وكلام ابن كثير في «مسند الصديق».