للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنسَب إليه أنه يعمل بالضعيف أو يُحتج بفعله على جواز العمل بالضعيف مطلقًا.

الخامسة: قد يكون نوع أو فرد من الحديث ضعيفًا عند مجتهد ضعفًا يسيرًا، فينصّ أنه إذا اعتضد بكذا (ويذكر عاضدًا ضعيفًا) صار حجةً، مع أنّ ذلك العاضد لا يُصَيّر كلَّ حديث ضعيف حجة عند ذلك المجتهد، وعلى هذا فلا يصح أن يُنسَب إلى ذلك المجتهد العمل بالضعيف.

[ص ٦] فصل

نقل بعضُهم حكايةَ الإجماع على أن الأحكام لا تثبت بالضعيف، كما سيوافيك في كلام الدواني، وقد يخدش في ذلك أمور:

الأول: ما نُسِب إلى أبي حنيفة رحمه الله أنه يحتج بالضعيف ويقدّمه على القياس (١).

ولم يُنقل عن أبي حنيفة نصّ بهذا على أنه أصل وقاعدة، وإنما حُكيت عنه مسائل ذهب إليها ولم يوجد لها دليل إلا حديث ضعيف مع مخالفتها للقياس. ولما كان المشهور عن أبي حنيفة أنه يقدّم القياس على الأحاديث الصحيحة، ولهذا سمّوه وأصحابَه "أهل الرأي" حاول بعض أتباعه أن يدفع هذا ويبالغ في نفيه فقال: بل مذهب أبي حنيفة تقديم الحديث الضعيف على القياس، وحكى تلك المسائل، وأضاف إلى ذلك:


(١) انظر "أصول البزدوي" (ص ٥)، و"الإحكام" (٧/ ٥٤) لابن حزم، و"إعلام الموقعين": (٢/ ١٤٥).

وانظر للمؤلف: "التنكيل": (١/ ٣٧ - ٤٠)، و"تنزيه الإمام الشافعي": (ص ٣٢٩ - ٣٣٠ ضمن هذا المجموع).