للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المائدة، وقد بيَّنا بطلانَ استدلاله في تفسير الآية. والله أعلم.

وأما السنة فاستدلَّ الجيراجي (١) منها بحديث الصحيحين (٢): "ما حقُّ امرئ له شيءٌ يُوصي فيه يبيتُ ليلةً أو ليلتين إلّا ووصيته مكتوبة عنده".

ولا دليلَ فيه؛ لأن الوصية ليست قاصرة على الوصية التوريثية، بل من المشروع أن يُوصي الإنسانُ بما له وعليه من الديون والحقوق، وعليه يُحمل الحديث.

وبحديث ابن ماجه (٣): "من ماتَ على وصيةٍ مات على سبيلٍ وسنةٍ". وسنده ضعيف، ومع ذلك فلا دليلَ فيه أيضًا.

ثم لو فُرِض أنه ثبتَ شيء من السنة ينصُّ على الوصية التوريثية فهو محمول على أنه كان قبل نسخها، فيكون منسوخًا بما نُسِخت به الآية، والله أعلم.

أدلة النسخ من السُّنَّة:

عن ابن عباس قال: "كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخَ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثلَ حظِّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلِّ واحدٍ منهما السدسَ، وجعل للمرأة الثُّمنَ والربعَ، وللزوج الشَّطْرَ والربع"


(١) "الوراثة في الإسلام" (ص ٢).
(٢) البخاري (٢٧٣٨) ومسلم (١٦٢٧) عن ابن عمر.
(٣) رقم (٢٧٠١) عن جابر بن عبد الله. قال البوصيري في الزوائد: في إسناده بقية، وهو مدلِّس. وشيخه يزيد بن عوف لم أر مَن تكلم فيه.