للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: إن أخا هذا قتل أخي، فقال القاضي: ما تقول؟ فقال: إن أخا هذا قتله غيري. وهو جواب صحيح عن فساد الدعوى، وكان من صحتها أن أخاه قتلَ أخيِ وأنا وارثُه وهذا من عاقلته، لتتوجَّه له المطالبة». ومن المعلوم أن القصد من طلب الجواب من المدَّعى عليه الإقرار بما أُلزِم به أو إنكاره أو التفصيل، وهو راجع إليهما كما مرَّ. فلفظ «لا أدري» جوابًا عن الدعوى عليه أنه قتل مثلًا لا يكفي، لأنه لم يقرّ بما ألزمته الدعوى وهو القتل، ولا أنكر. وقد شرطوا في اليمين مطابقتها للإجابة، وقالوا في اليمين: لابدَّ أن يحلف بها في كلِّ يمين على فعله إثباتًا أو نفيًا، وكذا على إثبات فعلِ غيره وأما نفي فعل غيره فعلى نفي العلم. فلو اعتبرنا «لا أدري أني قتلتُه أو لا» جوابًا لزم أن نقول: يحلف طبقَه، وحلفه كذلك لا يُعتبر لأنه على نفي العلم في فعل نفسه، وإذا بطل اللازم بطل الملزوم، لأن الإجابة بغير الإقرار إن لم تكن بيِّنة فهي تقتضي اليمين.

وأما كون لفظة «لا أدري» في فعل نفسه يُعتبر إقرارًا فغير ظاهر، لأن مبنى الإقرار على اليقين، ولا نظير لها في باب الإقرار تقاس عليه، لكنها قد تؤدّي إلى ما هو في حكم الإقرار، بأن يصرّ المدعى عليه، فيحكم القاضي بأنه كالمنكر الناكل، ويحلف المدعي اليمين المردودة. وهل يسمع من قائلها الإنكار بعدُ أو لا؟ (١).


(١) هنا انتهى الموجود من المسألة.