فإن قيل: الظاهر أنه لم يقل ذلك إلا عن حجة، قلنا: هذا الظاهر لا يبلغ أن يكون حجة، ولاسيما مع التساهل في المناقب. ومع هذا، فكذلك الظاهر أنه لم ينف السماع إلا عن حجة، قد تكون بنفيٍ خاصٍّ تُقبَل على مثله الشهادة.
[١/ ١٨٢] فأما من ذكر الرؤية ممن بعد الدارقطني، فبنَوا على اشتهار ذلك بين متأخري الحنفية، وأنه «من باب المناقب الذي يتساهل فيه»، كما نص عليه الأستاذ.
فصل
قضية سماع أبي حنيفة ترتبط بقضية ميلاده، فلا بأس بالنظر فيها هنا. في «تاريخ بغداد»(١٣/ ٣٣٠) من طريق ابن عُقْدة بسنده إلى: «مزاحم بن ذوَّاد بن عُلَيَّة يذكر عن أبيه أو غيره قال: ولد أبو حنيفة سنة إحدى وستين ... ». قال الخطيب:«لا أعلم لصاحب هذا القول متابعًا».
قال الأستاذ (ص ١٩): «ألَّف في رواية أبي حنيفة الأحاديثَ عن جملة من الصحابة مباشرةً جماعةٌ من القدماء من أمثال أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي ... وإلى هذه الرواية في ميلاده يكون ميل هؤلاء، وإلا ما ساغت روايتهم لبعض تلك الأحاديث في عداد مسموعاته ... ».
أقول: ابن عُقْدة هو أحمد بن محمد بن سعيد، تقدمت ترجمته (١). ومزاحم وأبوه ضعيفان، على أنه لم يُدْرَ أعن أبيه أم عن غيره؟ فأما الذين ألَّفوا في رواية أبي حنيفة عن جملة من الصحابة، فليسوا متقدمين على عصر