للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسيطيقونه عند الكِبَر، فإلغاء هذه العلة في النساء يقتضي إلغاءها في الصبيان من باب أولى. وباقي تلك الأمور سيأتي في سياق الآيات إن شاء الله تعالى.

{نَصِيبٌ} ثابت للرجل {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} أي والداه، وقد تقدم بيان معنى الوالدين في آية الوصية، وهما الأب والأم، {وَالْأَقْرَبُونَ} إليه، وهم أدنى فصيلةٍ له تختصُّ باسمٍ، كما بيَّنّاه في فصله.

{وَلِلنِّسَاءِ} أي جنسهن {نَصِيبٌ} ثابت للمرأة {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} أي والداها {وَالْأَقْرَبُونَ} إليها.

واعلم أن أهل الجاهلية لم يكونوا يقولون في الذكور الكبار أنهم يرثون على كلِّ حال، وإنما كانوا يقولون: إنهم يرثون في الجملة، فلو أُريد في إثبات النصيب للذكور الكبار في الآية أنه ثابتٌ لهم على كل حالٍ لصُرِّح بذلك، فلما لم يُصرَّح به وجاء إثبات النصيب للذكور الكبار في الآية مطلقًا عُلِمَ أنه ليس فيه ردٌّ عليهم من حيث الجملة، فظهر أن المراد في الآية من ثبوت النصيب للذكور الكبار ثبوته في الجملة.

ولا يلزم من إقرارهم على الجملة إقرارُهم على التفصيل، كما لو قال لك قائل: في مكة علماء وليس في المدينة عالم، فقلتَ أنت: في مكة علماء وفي المدينة علماء، فأقررتَه على أن في مكة علماء، وقد تكون تخالفُه في تعيينهم وتعيين جهات اتصافهم ومقدارِه، وتقدُّمِ بعضهم على بعض، ولا يُفهَم من إقرارك إياه في ذلك الإجمال إقرارُك إياه في التفصيل.

وكانوا يقولون في الصبيان: لا يرثون البتةَ، وذِكْرُهم في القرآن هو ردٌّ على أهل الجاهلية، والردُّ إذا أُطلِق حُمِلَ على المناقضة، ولو أُريد المناقضة