بخطاب النهي كما هو ظاهر، فإن كانت متأخرة فقد تأخرت عن وقت الحاجة حتمًا؛ لأن الحاجة إلى قضاء الحاجة متكررةٌ كلَّ يوم، وإذا تأخرت عن وقت الحاجة فلا تخصيص، وإنما يبقى احتمال النسخ، وقد مرَّ ما فيه.
وإن كانت متقدمة عن النهي، فالأولى حملها على موافقة الإباحة الأصلية، كما مر.
ومنها: حمل الواقعة على خصوصيةٍ للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقوَّاه بعض الأجلة بما قيل: إن فضلاته - صلى الله عليه وآله وسلم - طاهرة.
وليس بالبين:
أولاً: لأن في الطهارة نظرًا.
ثانيًا: لأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعاملها معاملة الأنجاس، فيبعد عند قضاء الحاجة، ويستنجي، وغير ذلك.
فالظاهر أن تعاملها في استقبال القبلة كذلك، وهو أحق بإكرام قبلة ربه عز وجل.
ثالثًا: الظاهر من كون المرحاض في البيت أنه لا يختص بالرجل، بل يحتاج إليه النساء، كما مر.
وبالجملة فالذي يترجح لي في هذا الحديث ما قدمتُه، وحاصله أن الذي في حديث النهي هو النهي عن استقبال القبلة بالبول أو استدبارها بالغائط، والقبلة في الأصل هي سَمْتُ البيت نفسه، ومن وسَّع فيها فمحل التوسعة عند الاشتباه. فأما من علم أو ظن أنه منحرف عن سمت البيت، فلا صلاة له، وليس ذلك قبلةً في حقه، وإذا لم يكن قبلةً في حقه فلا حرج عليه