«يقع في كلام كثير من السلف إطلاق التوارة على كتب أهل الكتاب، وقد ورد في بعض الأحاديث ما يشبه هذا».
وعلى كلِّ حال فالروايات تعطي وجود معنى تلك العبارة في بعض كتب أهل الكتاب، وأبو ريَّة يزعم أن الخبر «أسطورة، خرافة»، فإنْ بَنَى ذلك على امتناع أن يكون في كتب الأنبياء السابقين أخبار بأمور مستقبَلَة كبعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصفته= فهذا تكذيب صريح للقرآن وتكذيب بكتب الله ورُسُله، فإن كان أبو ريَّة ينطوي على هذا فليجهر به حتى يُخاطَب بحسبه. وإن بنى على استبعاد صحة الخبر؛ لأنه لا يوجد في كتب أهل الكتاب الآن ما يؤدّي ذاك المعنى، ولم يكن موجودًا فيها منذ ألف سنة تقريبًا عندما شرع بعضُ علماء المسلمين يطّلعون عليها وينقلون عنها= فهذا يُنْبِئ عن جهل أو تجاهل بتاريخ كتب أهل الكتاب وأحوالهم فيها.
وأقتصرُ هنا على عبارات عن كتاب «إظهار الحق» للشيخ رحمة الله الهندي ففيه (١: ٢٢٠)(١) عن الدكتور كني كات ــ وهو مِن أعظم محققي كتب العهدين ــ قال: «إنّ نُسَخ العهد العتيق التي هي موجودة كُتبت ما بين ألف وألف وأربعمائة ... ». وقال: «إن جميع النسخ التي كانت كتبت في المائة السابعة (الميلادية) أو الثامنة أُعدمت بأمر محفل الشورى لليهود؛ لأنها كانت تخالف مخالفةً كثيرة للنسخ التي كانت معتمدة عندهم». وحكى عن (والتن) ما يوافق ذلك.
ويُعْلَم منه أن اليهود [ص ٧٢] تتبعوا نسخ كتبهم التي كُتبت قبل الإسلام أو في صدر الإسلام إلى نحو مائتي سنة فأتلفوها لمخالفتها الكثيرة لما