للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا خلاف الحديث المشهور (١): "إذا اجتهد القاضي فأصاب فله أجرانِ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد". وكأن الجيراجي ذهب إلى الحديث الآخر: "مَن همَّ بحسنةٍ لم يَعملْها كُتِبتْ له حسنةٌ واحدة، فإن عَمِلَها كُتِبْت له عشرةُ حسنات" (٢). ولم يعلم أن المراد بقوله: "ولم يعملها" بأن عرضَ له مانعٌ، فكفَّ عنها مختارًا، فأما مَن عمل عملًا ظنَّه حسنةً فلا يدخل في هذا، بل الظاهر أن يُؤتَى الأجر كاملًا، إنما الأعمال بالنيات (٣). والحديث الأول يدلُّ على هذا، ولكن أعطى الله المصيب أجرينِ، وذلك عبارةٌ عن عشرين حسنةً، وأعطى المخطئ أجرًا كاملًا، وهو عبارة عن عشر حسناتٍ {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٦١] (٤).

(الوصية)

استدلَّ الجيراجي (٥) بآية الوصية، وقد تقدم تفسيرها وأنها تحتمل وجهين، أحدهما لا دلالةَ فيه على المدَّعَى أصلًا، ولكننا لا نتمسك به، بل نبني كلامنا على الوجه الآخر، فنقول: إن هذه الآية منسوخة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع.


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥٢) ومسلم (١٧١٦) من حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة وأبي سلمة.
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٩١) ومسلم (١٣٠) من حديث ابن عباس.
(٣) أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب.
(٤) بعدها في المجموعة ١٤ صفحة لا علاقة لها بالمواريث، ثم يبدأ الكلام على الوصية في صفحة ٥٤.
(٥) انظر "الوراثة في الإسلام" (ص ٢ ــ ٧).