[١/ ١٦٨] وقول هذا الخائب: «وأنى لغير الفقيه ... » كلمةٌ أدَعُ جوابها إلى القارئ. وفقه أحمد أظهر وأشهر من أن يحتاج إلى ذكر شهادات الأكابر. ويغني في ذلك قول الشافعي:«خرجتُ من بغداد، وما خلَّفتُ بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعلم من أحمد بن حنبل»(١).
هذا رأي الشافعي في أحمد قبل أن يموت أحمد بنيِّف وأربعين سنة.
فصل
ذكر الأستاذ (ص ١٤٣) ما روي من قول أحمد: «ما قولُ أبي حنيفة والبعرُ عندي إلا سواء».
قال الأستاذ:«المصدر المضاف من ألفاظ العموم عند الفقهاء، فيكون لذلك اللفظ خطورة بالغة؛ لأن أبا حنيفة يعتقد في الله تعالى ما يكون خلافه كفرًا أو بدعة شنيعة ... فيكون امتهان قوله في المسائل الاعتقادية والمسائل الفقهية التي ما نازعه فيها أحد من المسلمين محض كفر لا يصدر عمن له دين».
أقول: هذه مخاطرة فاجرة، ومحاولة خاسرة.
أولًا: لأن من المعلوم قطعًا أن أحمد لا يمتهن الحق، وإنما روى الناس امتهان الحق عن غيره، كما ترى بعض ذلك في (قسم الفقهيات)، والعموم يُخَصُّ بما هو دون هذه الدلالة بكثير.
ثانيًا: هَبْه سَلِم العمومُ، فمعلوم أن ما في تلك الكلمة إنما هو حكمٌ على القول من حيث هو قولُ ذاك القائل، فلا يتعدَّاها إلى حيثية أخرى.