للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصول المصنفين، أو على فروع قوبلت على تلك الأصول، ثم نجد فيها من الأغلاط ما نعلم أنه ليس من المصنف. وإذا أردت عين اليقين فاعمد إلى أصل قديم، واستنسخ منه نسخة، وكلِّف رجلين بمقابلتها على الأصل، ثم قابلها أنت على الأصل مرة أخرى بالتدقيق التام، وانظر النتيجة!

هذا، والنُسخ القديمة بعد نسخها ومقابلتها لابد أن تكون قد تناقلتها الأيدي [ص ١٣] وتعاورتها أنظار القارئين والمطالعين، وقد يكون بعضهم تصرَّف فيها بما يراه إصلاحًا وتصحيحًا، وقد يخطئ في ذلك، بل وربما يكون قد غيَّر فيها بعض الجهلة أو الخونة. أوَ لا ترى أنه ليس بين الإثبات والنفي إلا حرف النفي وقد يسهل زيادته أو حكُّه ولا يظهر ذلك، بل ربما قلب المعنى زيادةُ ألف أو نبرة أو نقطة.

وقد رأيت من تَصرُّف الجهلة ما وقع في النسخة المحفوظة بخزانة كوبريلي في إستانبول تحت رقم [٢٧٨] في الورقة [٥٢٨] (١) وذلك في ترجمة الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وذلك في موضعين، حاول جاهل أن يطمس ما في الأصل، ويكتب محله ما يخالفه؛ فلم يتم له ذلك، بل بقي ما في الأصل لائحًا. ولكن مثل هذا قليل، فقد رأينا عدة من الأصول قد اطلع عليها من ينكر بعض ما فيها، وغاية أمره أن يكتب عليه حاشية يُظهر فيها إنكاره لما في الأصل. وهذا ــ إذا تدبرت ــ من آيات الله عز وجل مصداقًا لوعده سبحانه بحفظ الذكر، و"الذكر" يتناول السنة إن لم يكن بلفظه فبمعناه، ويلزم من ذلك حفظهُ كلَّ ما فيه حفظٌ للشريعة كاللغة وغيرها، ولله الحمد.


(١) من كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم. وقد ترك المؤلف بياضًا لرقم النسخة والورقة. وانظر المطبوع بتحقيق المؤلف (٤/ ١/٤٤٩، ٤٥٠).