للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاءت أحاديث كثيرةٌ في تحريم سؤال الناس، أي: أن تسألهم أن يعطوك شيئًا من أموالهم (١)، واستُثْنِيَ في بعضها السؤالُ من السلطان، والسؤالُ عند شدَّة الحاجة (٢).

وقد نظرتُ في وجوه السؤال فوجدته على أقسامٍ:

القسم الأوَّل: ما هو من باب سؤال الإنسان حقًّا له عند المسؤول، كأن يكون لك دَيْنٌ عند إنسانٍ فتطلبه منه.

الثاني: ما جرت العادة بالتسامح به على نيَّة المكافأة، كقول التلميذ لزميله: (ناولني الكتاب).

الثالث: سؤال الإنسان ما ليس بحقٍّ له ولا جرت العادة بالتسامح به على نيَّة المكافأة، وذلك كقول مَن يجد الكَفاف [٥٠٨] من العيش لغنيٍّ لا حقَّ له عليه: (أعطني دينارًا) مثلًا. ومن هذا القسم سؤال الإنسان من ربِّه تعالى؛ لأنه لا حقَّ له على ربِّه تعالى.

فأمَّا الأوَّل فلا يُسمَّى استعانةً، ولا يلزمه التذلُّل والخضوع.

وأما الثاني فإنه وإن سُمِّي استعانةً لكنَّه لا يلزمه التذلُّل والخضوع، إلَّا


(١) كحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سأل الناس أموالهم تكثُّرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقلَّ أو ليستكثر». أخرجه مسلمٌ في الموضع السابق، ٣/ ٩٦، ح ١٠٤١.
(٢) كحديث سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المسألة كدٌّ يكدُّ بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمرٍ لا بدَّ منه». أخرجه الترمذيّ في كتاب الزكاة، باب ما جاء في النهي عن المسألة، ٣/ ٦٥، ح ٦٨١، وقال: «حديثٌ حسنٌ صحيحٌ».