للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن فيه رائحةً مَّا من ذلك.

وأما الثالث: فهو الذي يلزمه التذلُّل والخضوع.

وقد يكون السؤال من القسم الأوَّل ولكنه يصحبه تذلُّلٌ مَّا فيما يظهر، وذلك كسؤال الناس أنبياءهم عن أمور دينهم، وكذلك سؤال العامَّة علماءهم عن أمور الدين، وكذلك سؤال المحتاج العاجز حاجته من الغنيِّ.

والحقُّ أن السؤال من الأنبياء والعلماء إنما يصحبه الإكرام والاحترام الذي أمر الله عزَّ وجلَّ به، وأما سؤال المحتاج العاجز فإنما يصحبه التذلُّل لجهل الأغنياء بما عليهم من الحقوق, ونظير ذلك أن يكون لك دَيْنٌ على جبَّارٍ؛ فإنك تحتاج [٥٠٩] عند طلبك حقَّك منه إلى إظهار التذلُّل.

ومن القسم الأوَّل ما أُبِيح من سؤال السلطان (١)، فالمراد إباحة أن يسأله مَن كان له حقٌّ في بيت المال، فأمَّا مَن لم يكن له حقٌّ أصلًا فسؤاله من السلطان كسؤاله له من غيره.

ومن الأوَّل أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الناسَ بالصلاة عليه؛ فإن ذلك حقٌّ له عليهم.

وفيه معنيان آخران هما المقصود بالذات, والله أعلم:

- تبليغهم أمر الله عزَّ وجلَّ.

- وإرشادهم إلى ما ينفعهم.

وعلى هذا ما رُوِي من قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك» (٢)، على أن في صحَّته مقالًا.


(١) سبق قريبًا تخريج الحديث الذي يدل على ذلك.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، ٢/ ٨٠، ح ١٤٩٨. والترمذيّ في كتاب الدعوات، باب ١١٠، ٥/ ٥٥٩، ح ٣٥٦٢، وقال: «حديثٌ حسنٌ صحيحٌ». وابن ماجه في كتاب المناسك، باب فضل دعاء الحجِّ، ٢/ ٩٦٦، ح ٢٨٩٤. وفيه: عاصم بن عُبَيد الله، وهو ضعيفٌ. ولذا ضعَّفه الألبانيّ. انظر: ضعيف سنن أبي داود (الأم) ٢/ ٩٢.