ذاك الحديثُ فلعل الأولى أن يُحمل على العذر، فلا يمتنع أن يكون قد سمع الحديث من حفص، ثم نسيه أو خفي عليه أنه غريب، أو طمع أن يدلَّه محمد بن عقيل على حديث غريب آخر، ثم ذكره وتنبَّه لفرديته، فرواه. وقد يكون كتبه ــ بعد أن سمعه ــ في الحاشية أو لا يكون [كتبه](١) أولًا ثم لما ذكر أنه سمعه أو عرف أنه غريب ألحقه في الحاشية. وكان مع حفص في بلد واحد، فلا مانع أن يكون سمع منه الحديث في غير المجلس الذي سمع فيه محمد بن عقيل وصاحبه. وأهل الحديث ــ جزاهم الله خيرًا ــ ربما يشدِّدون على الرجل، وهم يرون أن له عذرًا، خشيةَ أن يتساهل غيرُه طمعًا في أن يعذروه كما عذروا ذاك. والله أعلم.
١٨٢ - قيس بن الربيع:
في «تاريخ بغداد»(١٣/ ٤٠٥ [٤٣٠]): « .... سئل قيس بن الربيع عن أبي حنيفة فقال: من أجهل الناس بما كان وأعلمه بما لم يكن!». ومن وجه آخر:«أنا من أعلم الناس به، كان أعلم الناس بما لم يكن، وأجهلهم بما كان!».
قال الأستاذ (ص ١٢٦): «تركه غير واحد، وكان ابنه يأخذ أحاديث الناس، فيُدخلها في كتابه، فيرويها أبوه قيس بسلامة باطن».
أقول: وثَّقه جماعة منهم سفيان الثوري وشعبة، وأثنوا عليه بالعلم والفضل، وتكلموا في روايته. وليس ما هنا من روايته حتى ننظر فيها.