للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتأسّي به، فكان حقًّا على الأمة تصديق المؤمنين فيما يخبرون به.

فصل

المراد بالمؤمنين في الآية إما مَنْ أظهر الإسلام، وإما مَن أظهره ولم يعلم منه ما يريب في إيمانه، وإما مَن أظهره وظهرت دلائل إيمانه، بمحافظته على مقتضى الإيمان، ومجانبته ما يخالفه، حتى اطمأنت إليه نفوسُ من عَرَفه ويخالطه بأنه مؤمن صادق. وإما من أعْلَم الله عز وجل رسولَه بأنه مؤمن حقًّا.

الأولان باطلان؛ لأن مجرد إظهار الإسلام ليس بإيمان على الحقيقة، قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤].

ومجرد عدم العلم بما يريب، بدون اختبار ولا مخالطة، لا يدلُّ على ثبوت الإيمان. ويؤكِّد ذلك أنه قد تقرّر في الأصول أن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلَّة ما منه الاشتقاق، فإيمان المؤمنين هو العلة المقتضية لتصديقهم.

ولا شك أن فيمن كان يظهر الإسلام من لم يؤمن، بل ومن هو منافق. والحاصلُ لهؤلاء بإظهارهم الإسلام لا يقتضي أن لا يكذبوا، فلا يقتضى تصديقهم.

وأما الرابع: ففيه بعد؛ لأن الله عز وجل لم يكن يُطْلِع رسولَه على حال كلّ واحد في صدق الإيمان أو عدمه، بل قد قال سبحانه لرسوله: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: ١٠١].