للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} اتفقوا على أن المعنى: أي ويصدِّق المؤمنين، كما قالوا في قوله تعالى حكاية عن أخوة يوسف في خطابهم أباهم: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: ١٧] أن المعنى: وما أنت بمصدِّق لنا.

قالوا: وأصله من الأمن الذي هو طمأنينة النفس، وانتفاء الخوف عنها. فقوله: آمنت لفلان، معناه: جعلته آمنًا من تكذيبي له.

ثم قالوا: والأصل: "آمنت فلانًا"، ثم قال بعضهم: إنما يزاد اللام للتقوية. وقال غيره: بل على تضمين "آمن" معنى أذعن وسلَّم.

وقد يقال: مما حسَّن ذلك هنا: إن قولك "آمنت فلانًا"، المتبادر منه عند الإطلاق: جعلته آمنًا فقط، فإذا قيل: آمنت لفلان، عُرِف أن المراد الأمن من التكذيب.

ويلوح لي أن أصل التقدير: آمنت نفسي لفلان، أي جعلتُها آمنةً له لا تخاف كذبه، فهذا أقرب إلى إفادة التصديق من التقدير الأول، ويمكن غير ذلك.

والمقصود هنا إنما هو أن {يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} في الآية بمعنى يصدِّقهم. وهذا لا خلاف فيه.

[ص ٣٠ ب] (١) فقد نصّت الآية على أن تصديق المؤمنين فيما يخبرون به من صفات الحقّ التي أثنى الله عز وجل بها على رسوله، وقد أمر أُمته باتباعه


(١) ضرب المؤلف على [ص ٣٠ أ] كاملة.