للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: مثل تأويل إبراهيم عليه السلام.

الثاني: أن يكون توهَّم أنه إذا تأول في نفسه فقد برئ من معرَّة (١) الكذب.

الثالث: أن يكون إنما أعدَّ عذرًا حتى إذا انكشف الحال وبان كذبُه قال: إنما عنيتُ كيت وكيت.

فأما الأول وهو تأويل إبراهيم، فقد سبق أن محلَّه أن يكون الكلام قريب الاحتمال جدًّا لغير ما هو ظاهر فيه، وأن يكون المتكلم مضطرًّا إلى الإيهام، وأن يكون في ذاك الإيهام دفع مفسدة عظيمة، ولا تترتب عليه مفسدة ما. وهذه الأمور منتفية عن النصوص التي يزعم المتعمقون أن ظواهرها باطلة، كما قدمناه في الكلام على المقصد الخامس من مقاصد [٢/ ٣٢٠] ابن سينا. ومع ذلك فقد قدَّمنا الحجة على أن كلمات إبراهيم عليه السلام كذبات، وأنها لا تناسب مقام النبوة، فضلًا عن مقام الربوبية.

وأما الوجه الثاني، فممتنع في النصوص. كيف وقد ثبت الحكم على كلمات إبراهيم عليه السلام بأنها كذبات وخطايا، وأنها لا تناسب مقام النبوة فضلًا عن مقام الربوبية، فما بالك بما هو أشدُّ منها بدرجات كثيرة كما مرَّ؟!

وأما الوجه الثالث، فتعالى الله عز وجل وتنزه أنبياؤه عنه، إنما هو دأب الكذابين، إذا افتضح أحدهم قال: إنما عنيتُ كيت وكيت!

واعلم أن مقتضى كلام الرازي في منعه الاحتجاج البتة بالنصوص في العقائد التي لا يجزم العقلُ وحده فيها بالجواز: أنه لو كان الرازي في عهد


(١) (ط): «معرفة» خطأ.