[ل ٤٤/أ] الحمدُ لله اللطيفِ بعبادِه، الهادي إلى سبيلِ رشادِه، المُتقدِّسِ عن المِثْل والشَّبَه، المُزيلِ بكتابه المبين غواشيَ الأهواءِ والشُّبَه. أحمدُه وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفرُه. وأشهدُ ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا عبدُه ونبيُّه، بالهدى ودين الحق أرسَلَه، اللهمَّ فصلِّ وسلِّم على رسولك مولانا محمد وعلى آله وصحبه الكَمَلَة.
أما بعدُ ــ عبادَ الله ــ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنَّها وصيَّتُه لعباده أجمعين. وأحذِّرُكم ونفسي معصيتَه، فإنَّها موردُ غضبِه الذي حذَّر منه الأولين والآخرين. إنما هذه الدنيا دارُ مرور، رغدُها زُور، ونعيمُها غُرور. فالسعيد من لم يجعلها أكبرَ همِّه ولا مبلغَ علمه. والشقيُّ من رضي بها عن الآخرة، وباعَ اللذةَ الفانيةَ الخسيسةَ باللذة الباقية الفاخرة.
أيها الإنسانُ ما غرَّك بربِّك، وما ران على قلبِك؟ كلَّ يوم تزداد ذَنُوبًا من ذُنوب، وتملأ عَيْبةً من عيوب؛ كأنَّك في الموت مُرْتاب، أو مضمونٌ لك الثَّوابُ، ودخولُ الجنة بغير حساب؛ أو معدودٌ في سائر الدوابِّ، التي ليس عليها بعد القِصاص عذابٌ ولا عقاب.
وإنَّ لِمن اتَّقى اللهَ جِنانًا، ونعيمًا ورضوانًا، وحُورًا وولِدانًا، وعُرُبًا حِسانًا. ولهم فيها ما تشتهي الأنفسُ وتَلَذُّ الأعينُ، مما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ