للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل هذا الفعل ظاهر في انتفاء الحياء أو ضعفه. وفي "الصحيح" (١): "إنّ مما أدرك الناسُ من كلام النبوَّة الأولى: إذا لم تستَحْيِ فاصنع ما شئت".

ومعناه ــ والله أعلم ــ إذا فقد الإنسان الحياء صنع ما شاء، أي: فالظنُّ به أنه لا يحجم عن ارتكاب كل ما تدعوه إليه نفسُه (٢).

* * * *

[ص ٢٠] فصل ــ ٦

اشتهر بين أهل العلم: أنّ ممّا يخرم العدالة: تعاطي ما ينافي المروءة، وقيَّده جماعةٌ بأن يكثر ذلك من الرجل، حتى يصير إخلاله بما تقتضيه المروءة غالبًا عليه، قال الشافعي ــ رحمه الله تعالى ــ: "ليس من الناس أحدٌ نعلمه ــ إلا أن يكون قليلًا ــ يمحض الطاعة والمروءة حتى لا يخلطهما بمعصية، ولا يمحض المعصية وترك المروءة حتى لا يخلطهما شيئًا من الطاعة والمروءة، فإذا كان الغالب على الرجل الأظهر من أمره الطاعة والمروءة قُبِلَت شهادته، وإذا كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة رُدَّت شهادتُه". "مختصر المزني ــ بهامش الأم": (٥/ ٢٥٦) (٣).

أقول: ذكروا أنّ المدار على العرف، وأنه يختلف باختلاف حال الرجل وزمانه ومكانه، فقد يعدُّ الفعل خرمًا للمروءة إذا وقع مِنْ رجل من أهل


(١) أخرجه البخاري (٣٤٨٣، ٣٤٨٤) من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه.
(٢) انظر "فتح الباري": (٦/ ٥٢٣).
(٣) (٥/ ٣١٠ ــ طبعة المعرفة).