العلم، لا إذا كان من تاجر ــ مثلًا ــ. وقد يُعدّ ذلك الفعل مِنْ مِثْل ذلك الرجل خرمًا للمروءة في الحجاز ــ مثلًا ــ لا في الهند. وقد يُعدّ خرمًا للمروءة إذا كان في الصيف لا إذا كان في الشتاء. أو يعدُّ خرمًا في عصر ثم يأتي عصرٌ آخر لا يعدُّ فيه خرمًا.
ثم أقول: لا يخلو ذلك الفعل الذي يعدُّه أهلُ العرف خرمًا للمروءة عن واحد من ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون ــ مع صرف النظر عن عرف الناس ــ مطلوبًا فعله شرعًا، وجوبًا أو استحبابًا.
الثاني: أن يكون مطلوبًا تركه بأن يكون حرامًا أو مكروهًا أو خلاف الأولى.
الثالث: أن يكون مباحًا.
[ص ٢١] فأمّا الأول، فلا وجه للالتفات إلى العرف فيه؛ لأنه عُرْفٌ مصادم للشرع، بل إذا ترك ذلك الفعل رجل حفظًا لمروءته في زعمه، كان أحقّ بالذم ممن يفعله لمجرد هواه وشهوته.
وأمّا الثاني، فالعرف فيه معاضد للشرع، فالاعتداد به في الجملة متجه؛ إذ يقال في فاعله: إنه لم يستحيِ من الله عز وجل ولا من الناس، وضعف الحياء من الله عز وجل ومن الناس أبلغ في الذمِّ من ضعف الحياء من الله عزّ وجلّ فقط، وقد مرَّ حديث "كلُّ أُمّتي معافَى إلا المجاهرين"(١).