للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفوق هذا كله، فخالد بن أبي الصلت مجهول الحال، قال الإمام أحمد: ليس معروفًا. وقال عبد الحق: ضعيف. وقال ابن حزم: مجهول (١). يريد: مجهول الحال. فلا يدفعه تعقب ابن مفوّز بقوله: هو مشهور بالرواية، معروف بحمل العلم.

ولا ينفعه ذكر ابن حبان له في "الثقات" (٢)، فإن معنى الثقة عنده كما صرح به: أن يروي الرجل عن ثقة، ويروي عنه ثقة، ولا يكون حديثه منكرًا.

وهذا خلاف ما عليه الجمهور، ومع ذلك فإنه لا يراعي هذا الشرط كما ينبغي، بل قد عرفتُ بالتتبع أنه ربما ذكر الرجل، ولا يدري عمن روى، ولا من روى عنه، ولا ما روى، وربما كان ينظر في "تاريخ البخاري" ثم يلخصه في "الثقات"، ووجدتُ تراجم كثيرة في "تاريخ البخاري" لا يصرح فيها البخاري بقوله: "روى عن فلان، وروى عنه فلان". ووجدتُ ابن حبان يذكرهم في الثقات قائلًا: "يروي المراسيل، روى عنه أهل بلده"، أو نحو ذلك.

فهذا ظاهر جدًّا أنه إنما وجد التراجم في تاريخ البخاري، فذكرهم في الثقات، مع الجهل بهم البتةَ.

وكذلك قد يصرح البخاري بمن روى عنه الرجل، ولا يذكر من روى عنه، أو عكس ذلك، فيذكره ابن حبان، فيصرح بما صرح به البخاري، ويُمَجْمِجُ (٣) عما تركه البخاري، وقد نبهتُ في حواشي "تاريخ البخاري"


(١) انظر "تهذيب التهذيب" (٣/ ٩٨).
(٢) (٦/ ٢٥٢) وفيه: "خالد بن الصلت"، وهو خطأ.
(٣) أي لا يُبيِّن.