للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ــ وإن لم يتنبّه قائله ــ يقتلع جواز العمل بالضعيف من أصله، كما سترى إن شاء الله تعالى.

ومنهم من فصَّل، ولا داعي لاستيعاب أقوالهم، بل علينا أن نعترض الحجج والدلائل ونغترف الحقَّ من معدنه فأقول:

[ص ١٤] فصل

الآثار المروية عن أئمة السلف ــ وإليها استند النووي في حكاية الإجماع فيما يظهر ــ لم أر فيها ما هو ظاهر في جواز العمل بالضعيف ولا استحبابه. بل إذا أمعنت النظرَ وجدتها صريحة في خلافه، وهذا أشهرها:

قال السخاوي في "فتح المغيث" (١): "قال الحاكم: سمعت أبا زكريا الغُبَري (٢) يقول: الخبر إذا ورد لم يحرّم حلالًا، ولم يحلّ حرامًا، ولم يوجب حكمًا، وكان في ترغيب أو ترهيب= أُغْمِض عنه وتُسُهِّل في رواته.

ولفظ ابن مهدي فيما أخرجه البيهقي في "المدخل" (٣): إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحلال والحرام والأحكام شدّدنا في الأسانيد وانتقدنا في الرجال، وإذا روينا في الفضائل والثواب والعقاب


(١) (١/ ٣٣٢).
(٢) كذا في الأصل، كما في الطبعة التي نقل عنها المؤلف وصوابه: "العنبري" كما في ط المحققة، وقول العنبري ذكره الخطيب في "الكفاية" (ص ١٣٤).
(٣) ليس في المطبوع منه، وقد أخرجه الحاكم في "المستدرك": (١/ ٤٩٠) وفي "المدخل إلى الإكليل" (ص ٥٩).