وعادة ابن حبان في "الثقات" أن لا يدع بياضًا، ولكن يقول:"يروي المراسيل، روى عنه أهل بلده" كأنّه اطلع على ذلك أو بنى على أنّ البخاري إنّما لم يذكر عمّن يروي الرجل؛ لأنّه لم يرو عن رجل معين وإنّما أرسل، وأن الغالب أنّه إذا كان الرجل ممّن يُروى عنه فلا بدّ أن يروي عنه بعض أهل بلده، وطريقة المؤلف أحوط كما لا يخفى، وقد حاولت فيما حققته من الكتاب التنبيه في الحاشية على ما عثرت عليه ممّا يسدّ البياض.
* الأوهام:
الكتاب كبير، لعلّه يحتوي على قريب من عشرين ألف ترجمة، ومعظم التراجم مأخوذ من أسانيد الأخبار المتفرقة، والرواة قد يصحِّف بعضهم بعض أسماء رجال الإسناد أو يحرّفها، وقد يُنْسَب الرجل إلى جده أو جد أبيه، وقد يُنسب تارة إلى قبيلة وتارة أخرى إلى غير ذلك، ممّا يوقع المحدّث في الوهم، وقد وقع للبخاري من ذلك أشياء تعقّبها المؤلف في كتابٍ على حِدة، ذكره ابن حجر في "لسان الميزان"(٣/ ٢٣٣)، وكذلك للخطيب "كتاب أوهام الجمع والتفريق" يعني أن يُجعل الرجل اثنين فأكثر أو يجعل الاثنان فأكثر واحدًا، وقد وقع في "كتاب الجرح والتعديل" أوهام من هذا الضرب وغيره ليست بالكثيرة.
منها ما قد نبّه عليه أهلُ العلم ممّن جاء بعد المؤلف، كجعله ترجمةً لجعفي بن سعد العشيرة على أنّه صحابي، وإنّما هي قبيلة سُمّيت بجدٍّ جاهلي قديم، وكذِكْره ترجمة لـ"دقرة" على أنّها رجل، وإنّما هي امرأة، ومنها ما تبعوه عليه كذكره ترجمة "حارثة بن عَمْرو من بني ساعدة قتل يوم أحد"، وإنّما هذا اسم جاهلي قديم وقع في نَسَب بعض شهداء أحد. ومنها ما