دونهما، فقد يفيد القطع خبر الثلاثة إذا كانوا تامي العدالة والضبط، ولا يفيده خبر الأربعة أو الخمسة من العدول الضابطين دون درجة أولئك.
وأما في الثاني: فليعرف الراجح، فيقدّم عند التعارض.
وأما في الثالث: فليعرف ما يصلح للشواهد والعواضد والمتابعات، ومقدار صلاحيته لذلك، فقد يصدق على ثلاثة أنهم ليسو امن أهل العدالة والضبط، بحيث لو تابعه آخر مثله لصار الخبر صالحًا للحجة.
ودرجة الثاني متوسطة بحيث لو تابعه آخر مثله لم يبلغ ذلك، بل يحتاج إلى متابعة اثنين أو ثلاثة مثلًا، وهكذا.
ودرجة الثالث بعيدة بحيث لو تابعه عشرة مثله لم يغن شيئًا، بل يقال: كأنهم تواطؤوا أو سرقه بعضُهم من بعض، أو وضعه بعضُ الدجّالين على هؤلاء فلقَّنهم، أو نحو ذلك.
وكذلك معرفة الاتصال، ومعرفة الشذود والعلة، يُحْتَاج إليها في الأضرب الثلاثة، كما يعلم بالتأمل.
وقد بلغ هذا العلم أوْجَه في القرون الأولى، ثم تباعد الناس عنه في القرون الوسطى؛ لاستغناء جمهورهم عن الاتباع بالتقليد، ومن احتاج إلى السنة من المقلدين إنما همّه نُصرة مذهبه، فينظر إلى الأحاديث المروية، فيرى منها ما يوافق مذهبه ومنها ما يخالفه، فيجتهد في تقوية ما يوافقه، وتضعيف ما يخالفه، فإذا وجد في الأصول المختلف فيها ما يساعده التزمه ونَصَره، وسعى في توهين ما يخالفه، وإن لم يجد أصلًا يساعده على هواه اخترع أصلًا وسعى في تثبيته بين أهل مذهبه على الأقل، ولهذا يكثر