للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا كلُّه مناقشة للأستاذ في تكذيبه الرواة عن ابن معين، وما تشبَّث به في ذلك. فأما محمد بن الحسن فهو أجلُّ وأفضلُ مما يتراءى هنا، ولتحقيق ذلك موضع آخر.

٢٥٧ - النضر بن محمد المروزي:

في «تاريخ بغداد» (١٣/ ٤٠١ [٤٢٣]) من طريق عبد الرحيم بن منيب: «حدثنا النضر بن محمد قال: كنا نختلف إلى أبي حنيفة وشاميٌّ معنا، فلما أراد الخروج جاء ليودِّعه فقال: يا شامي، تحمل هذا الكلام إلى الشام؟ فقال: نعم، قال: تحمل شرًّا [كثيرًا]».

قال الأستاذ (ص ١١٨): «ضعَّفه البخاري في «كتابه الصغير» لكن وثَّقه النسائي، وهو من فقهاء أصحاب أبي حنيفة ومن المكثرين عنه، فبالنظر إلى حاله يريد بقوله هذا ــ على تقدير ثبوته عنه ــ التنكيت على أهل الشام».

أقول: إنما قال البخاري: «فيه ضعف»، وكذا قال الساجي، وقال الحاكم أبو أحمد: «ليس بالقوي»، وقال النسائي والدارقطني: «ثقة»، وذكره ابن حبان في «الثقات» (١). وقال ابن سعد: «كان مقدَّمًا في العلم والفقه والعقل والفضل، وكان صديقًا لابن المبارك، وكان من أصحاب أبي حنيفة» (٢). وهذا يقتضي أنه لم يكن يتابع أبا حنيفة في كل شيء، فهو مقبول. وليس هو المخاطِب للشامي كما قد يوهمه كلام الأستاذ، وإنما المخاطِب للشامي بما ذكر أبو حنيفة نفسه كما هو صريح الرواية. واحتمال أن يكون أبو حنيفة إنما أراد التنكيت لا يخفى حاله.


(١) (٧/ ٥٣٥).
(٢) «الطبقات الكبرى»: (٩/ ٣٧٧).