قال الأستاذ ص ١٣٥ ــ بعد أن ذكر ما رُوي عن الشافعي أنه قال: أبو حنيفة يضع أوَّل المسألة خطأ ثم يقيس الكتابَ كلَّه عليها ــ: "ولأبي حنيفة بعض أبواب في الفقه من هذا القبيل، ففي (كتاب الوقف) أخذ بقول شريح القاضي وجعله أصلًا، ففرَّع عليه المسائل، فأصبحت فروع هذا الباب غير مقبولة حتى ردَّها صاحباه، وهكذا فَعَل في (كتاب المزارعة)، حيث أخذ بقول إبراهيم النخعي، فجعله أصلًا ففرّع عليه الفروع.
ولكن ما هو من هذا القبيل من مسائل (؟)(١) أبي حنيفة ربما لا يبلغ في العدّ عدد أصابع اليد الواحدة، في حين أنّ ما عند ذلك العائب من هذا القبيل بحيث يَحارُ منه كبار الفقهاء من أهل مذهبه، فتجدهم مضطربين فيما يختارون في المذهب بين قديم المسائل وجديدها، وبين الأجوبة الشَّفْعية المروية عن الإمام التي يقال فيها:(فيها قولان)، فيَشْكُون من عدم مشي الفروع على الأصول، وعدم الاطراد في التأصيل والتفريع، مما ليس هذا موضع شرحه وله محلّ آخر".
أقول: الكتاب من كتب الفقه، مثل (كتاب الوقف)، قد يتفرّع عنه آلاف المسائل كما لا يخفى. ولا أعلم للشافعي كتابًا واحدًا يكون من ذاك القبيل الذي يوجد لأبي حنيفة. فأما المسائل فالكتب في فقه أبي حنيفة التي ليست من ذاك القبيل لا يُحْصَى ما فيها من المسائل المضطَرب فيها.
هذه مسألة من أول مسائل الطهارة، وهي تحديد الماء الكثير الذي [ص ٢٨] لا ينجس بوقوع نجاسة فيه لم تُغيّره، نَقَل الحنفيةُ عن أئمتهم: أنه ما
(١) علامة الاستفهام من المؤلف، ولعلها إشارة منه إلى إيهام الكوثري أن المنتقَد على أبي حنيفة مجرّد مسائل وليس أبوابًا كما هو الواقع.