للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: إنما تغيَّرت بتحريف بعض الكلمات أو دخول كلمات أعجمية. فأما الكلمات العربية التي لا يزالون يتكلمون بها فلا تكاد كلمة منها قد عمَّ استعمالها في غير وضعها الأصلي. وعلى طريق الاستصحاب المقلوب المعروف في الأصول نقول: الظاهر أن المعنى التي يستعمل فيه العرب الآن كلمةَ الربا هو المعنى التي كان أجدادهم يستعملونها فيه قبل الإسلام.

[ق ١٠] ومما يؤيد ذلك أن ألفاظ المعاملات الأخرى كالبيع والإجارة والهبة وغيرها لا يزال العرب يستعملونها في معانيها العربية الصحيحة.

ثم تدبرنا القرآن فوجدنا فيه الدلالة على أن الربا المذكور فيه هو زيادة يستزيدها الإنسان من صاحبه على رأس المال الذي دفعه إليه من غير بيع ولا أخذ عوضٍ يدًا بيدٍ.

فإن قلنا: إن الربا في اللغة موافق لذلك على ما يظهر من بعض الأقوال السابقة فلا كلام، وإن قلنا: إن الربا في اللغة أعم من ذلك كأن يكون هو الزيادة مطلقًا فالدلائل القرآنية تكون مخصصة لعموم لفظ الربا، ولا يلزم من ذلك نقلٌ ولا إجمال، وإلا لزم أن يكون كل عام مخصوصٍ منقولًا [أو] مجملًا، وقد تقدم بطلانه.

ولو ثبت النقل لم يلزمه الإجمال، بل يقال: الربا في القرآن مبين فيه، وهو زيادة يستزيدها الإنسان ... إلخ.

بيان ذلك:

قال الله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ