للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يسألون أحدًا ولا يردُّون إذا أُعْطُوا (١).

هذا، والظاهر أن كراهية الاسترقاء خاصَّةٌ بما إذا استرقى الإنسان لنفسه، أمَّا استرقاؤه لغيره فلا كراهية، ففي الصحيحين عن أمِّ سلمة رضي الله تعالى عنها أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى في بيتها جاريةً في وجهها سُفْعَةٌ ــ يعني صُفْرَة ــ، فقال: «استرقوا لها؛ فإن بها النظرة» (٢).

وعلى هذا يُحمَل حديث الصحيحين عن [٥٢٨] عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ أو أمر ــ أن يُسترقى من العين (٣).

ومن القسم الثالث: سؤال العبد من ربِّه عزَّ وجلَّ، وهو المسمَّى دعاءً. ومنه ــ كما صرَّح به القرآن ــ سؤال الملائكة، وسمَّاه القرآن دعاءً.

وقد تأمَّلنا الفرق بينه وبين سؤال الناس بعضهم بعضًا فوجدنا أن السؤال من الملائكة فيه تذلُّلٌ لهم وتعظيمٌ يُتديَّن به، أي: يُطلَب به نفعٌ غيبيٌّ. وقد


(١) أثر ابن عمر أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إباحة الأخذ لمن أُعطي من غير مسألة ولا إشراف ٣/ ٩٨ ح ١٠٤٥.
وورد عن ثوبان أنه كان لا يسأل أحدًا. أخرجه أحمد ٥/ ٢٧٥ وغيره. وحكى ابن رجب في جامع العلوم والحكم ١/ ٤٧٩ نحو ذلك عن أبي بكر الصديق وأبي ذر.
(٢) البخاريّ، كتاب الطبِّ، باب رقية العين، ٧/ ١٣٢، ٥٧٣٩. مسلم، كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين ... ، ٧/ ١٨، ح ٢١٩٧. [المؤلف]
(٣) البخاريّ، الموضع السابق، ٧/ ١٣٢، ح ٥٧٣٨. مسلم، الموضع السابق، ٧/ ١٨، ح ٢١٩٥ (٥٦)، ولفظه: «كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يأمرني أن أسترقي من العين». والمراد ــ والله أعلم ــ أن تسترقي لمن كانت تكفله من الصبيان، لا لنفسها. [المؤلف]