للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأدلة على أن تحريم الكلام إنّما كان بالمدينة، فراجعْه إن شئت، فإنّ أكثر ما ذكرناه هنا مأخوذٌ منه.

وفي هذا أوضح حجّةٍ على من قال: إنّ الكلامَ يُبطِل الصلاة ولو سهوًا.

ولا حجّة لهم في قولهم: «كيف يُعذَر الناسي وله حالةٌ تُذكِّره، وهي أقوالُ الصلاة وأفعالها». فإنَّ هذا لا يصدُقُ على من ظنَّ التمامَ مع أنّ النصّ قد ورد بضدِّ ما قالوه، فإنّ في حديث ذي اليدين أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تكلّم، وذا اليدين تكلّم، والصحابة تكلّموا.

فإن قيل: في هذه سلّمنا، فكيف بالعقل حالَ مباشرة أفعال الصلاة وأقوالها، فإنّ العلّة موجودةٌ في ذلك ولا نصَّ؟

قلتُ: يُلْحَق ظنُّ التمام بمثله؛ لأنَّه وإن لم تكنِ العلّة المذكورة موجودةً فثَمَّ علّةٌ أخرى وهي عدم الضبط، بل هذه أشدُّ، وحيث لم يعتبر الشرعُ تلك فلا تُعتَبر هذه.

ولا دليل في الحديث لمن قال: «إنّ الكلام لمصلحة الصلاة لا يُبطلها ولو عمدًا»، ويستدلُّ له بأنّ ذا اليدين والصحابة تكلّموا بعد قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كلُّ ذلك لم يكن» أو نحو ذلك، فعلموا أن الصلاة لم تُقصَر مع أنّها لم تتمَّ.

فقد أجاب بعضُهم بأن الصحابة لم ينطقوا، وإنما أومَؤوا، كما صرّح به في «سنن أبي داود» (١)، ويحمل ما ذكره غيره من القول على المجاز. وهذا وجيهٌ في غير ذي اليدين. وأما هو فأجيبَ عنه وعن غيره بتقدير [ ... ] (٢):


(١) رقم (١٠٠٨).
(٢) هنا كلمة غير واضحة.