للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: لا نعلم الناسَ اختلفوا، ولم يبلغني ذلك". "إعلام الموقعين" (ج ١ ص ٣٣) (١).

وللشافعي رحمه الله تعالى كلام في معنى هذا، وفي إبطال ما يسمَّى الإجماع السكوتي، انظر "الأم" (ج ١ ص ١٣٤ ــ ١٣٥) (٢).

وقد تتبعت ما جاء من الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم في الإجماع، ثم تأملت ما نقل عن الإمامين الشافعي وأحمد؛ فتحرَّر لي من ذلك كله: أنَّ الإجماع إنما يتحقَّق في الفرائض القطعية كفرضية الصلوات الخمس ونحوها. وأما ما عدا ذلك فإنما يحصل العالم منه على عدم العلم بمخالف.

وهذا في نصوص الصحابة ثم في نصوص الإمامين حجة اضطرارية؛ أي: أنه يكون حجة إذا لم يوجد من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله حجة. فإن ثبت من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله حجة مخالفة له لم يلتفت إليه، ولكنه إذا وجدت من الكتاب والسنة نصوص كثيرة ظاهرة في معنى، متظافرة عليه، ثم لم نعلم أحدًا من السلف صرفها عن ذلك الظاهر= كان ذلك عاضدًا لتلك الظواهر؛ ربما يبلغه درجة القطع، حتى يكفر من يخالف ذلك، والله أعلم.

* * * *


(١) (١/ ٣٠) ط. محمد محيي الدين عبد الحميد.
(٢) ضمن "اختلاف الحديث" (١٠/ ١٠٩ - ١١٣) ط. دار الوفاء.