أُرْسِلت الرسل، والمسلمون بغاية الضرورة إلى معرفته، وهو محور الخلاف والنزاع والقتال والجدال= أغفلوا هذا واشتغلوا بغيره.
نعم فَسَّر بعضُهم الألوهية باستحقاق العبادة، ولكن العبادة أيضًا كلمة مشتبهة فلم يبيِّنوا معناها ولا تكلّموا في بيان اختصاص الله عزَّ وجلَّ باستحقاقها.
ولعلَّ السبب في إهمالهم الكلامَ على توحيد الألوهية الحقيقيِّ أنهم لم يجدوا للفلاسفة كلامًا فيه، كيف وعامَّة الفلاسفة مشركون يعبدون الأرواح والكواكب والأوثان، وظنَّ المتكلمون كما صرَّح به بعضهم وتقدَّم في آخر ما نقلناه عن شرح المقاصد أن وحدانية استحقاق العبادة لا يدلُّ عليه العقل وإنما هو (١) شرعيٌّ محض.
[١٢٠] فتقصير المتكلمين في هذه المسألة من أعظم أسباب الاشتباه فيها؛ لأن مَنْ أراد البحث عنها فَزِعَ إلى ما سَمَّوْهُ علمَ التوحيد؛ لاعتقاده أنه متكفِّل بمسائل العقائد، ولا سيما مسألة التوحيد, فوجد فيه الكلام في وحدانية وجوب الوجود مُعَنْوَنَة بوحدانية الألوهية، ووجد بعضَهم قد صرَّح بأنَّ معنى الإله هو معنى واجب الوجود أو نحوه، فظنَّ أن ذلك معنى الإله حقيقة. فإن شكَّكه في ذلك قول بعضهم: إن معنى الإله هو: المستحق للعبادة، توهَّم أن العمل لا يكون عبادة إلا مع اعتقاد أن المعبود واجب الوجود أو نحو ذلك، وإلَّا لَما أهمل علماءُ التوحيد الكلامَ عليها.
ومن العجائب أنك تجد في هذا العصر كثيرًا من طلبة العلم ــ إن لم أقل