للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فثبت أنه إنما أمرَهم أمرَ إرشادٍ لتحصيل زيادة الفضل، وأن الصلاة في المسجد فيها خيرٌ في الجملة وفضلٌ، وذلك شامل لقيام رمضان.

والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان تلك الليالي معتكفًا، والمسجد بيت المعتكف، فلا يكون في صلاته فيه ما ينافي منطوق الحديث.

وكأنه كان يقتدي به أولًا المعتكفون، ومَنْ في معناهم من أهل الصُّفَّة الذين لا بيتَ لهم إلَّا المسجد، فلم ينكر عليهم. ثم حضر غيرهُم، ولم يشعُرْ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا شَعَرَ قعد.

وما يقع في بعض روايات حديث عائشة ممّا قد خالف ما هنا: الظاهرُ أنه من تصرُّفِ بعض الرواة، من باب الرواية بالمعنى على حسب ما فهم، والله أعلم.

مقارنة بين حديث زيدٍ وحديث عائشة

قد وردت القصة من حديث عائشة، ولكن في حديث زيدٍ زيادتان:

الأولى: ما فيه مِنْ ذكر [ص ٣] تنحنُحِ القوم، ورفْعِهم أصواتَهم، وحَصْبِهم البابَ، وغضَبِ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الثانية: ما فيه مرفوعًا: "فعليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".

والزيادة الأولى تُفْهِم أن صنيعهم ذاك هو الذي خشي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُعاقَبوا عليه بفرضِ قيام الليل في المسجد عليهم.

وأشار إلى ذلك البخاريُّ؛ إذ ذكر الحديث في كتاب الاعتصام "باب ما