للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجلٍ فهَلَك لحِينِه، فرُفِع إلى الأمير، فقال: دعوة رجل صالحٍ صادفت أجلًا ــ أو كما قال ــ، وخلَّى سبيل الدَّاعي (١).

وإيضاح ذلك: أنَّ القاتل بالحال قتل بقوَّةٍ فيه، فهو كالقاتل بالسِّحر، إن لم نقل: إنَّه هو، ومثله فِعلُ مَن ضرب بسيفه أو طعن بخنجره أو رمى ببندقيَّته.

وأمَّا الدَّاعي فلا شأن له، وإنَّما مثله مثل من شكا رجلًا إلى حاكمٍ، وطلب منه أن يقتله، فقتله الحاكم؛ فإن كان في هذا ضمان فعلى الحاكم وحده، وأمَّا في الواقع فالحاكم هو الله تبارك وتعالى؛ فإذا كان قضاؤه بموت ذاك إجابة لدعاء هذا فقد بان بذلك أنَّ دعاء هذا حقٌّ. والله الموفق.

فصلٌ

هذه القوَّة لم تكن حاصلة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام اكتسابًا قطعًا، وقد برَّأهم الله عزَّ وجلَّ منها؛ إذ لو حصَلَت لأحدهم قبل النُّبوَّة لكان ذلك سِحرًا وما في معناه، وإذًا لقَوِيَت شُبهة الكفَّار في قولهم: ساحر. وأمَّا بعدها فكذلك.

أمَّا اكتسابًا فواضحٌ. وأمَّا أن يعطيهم الله عزَّ وجلَّ قوَّةً تشبهها، فمَن تدبَّر الكتاب والسُّنَّة والسِّيرة علِمَ أنَّه لم يحصل لهم ذلك، على أن يكون ملازمًا


(١) القِصَّة لمطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، تابعي معروف، والأمير هو زياد بن أبيه.

وقد أسندها عنه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٢/ ٢٠٦)، وابن أبي الدُّنيا في «مجابو الدَّعوة» (٨٩) وغيرهما، في قصَّةٍ بنحوه، وفيه: «فقال زيادٌ: هي دعوة رجلٍ صالحٍ وافَقَتْ قدر الله».