للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه الحسن بن سفيان وغيره كما في «الميزان»، وقال الذهبي: «وقد رأيت البخاري يروي عنه في كتاب «الضعفاء»».

أقول: في باب الإمام ينهض بالركعتين من «جامع الترمذي» (١): «قال محمد بن إسماعيل [البخاري]: ابن أبي ليلى هو صدوق، ولا أروي عنه، لأنه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه، وكلّ من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئًا». والبخاري لم يدرك ابن أبي ليلى، فقوله: «لا أروي عنه» أي: بواسطة. وقوله: «وكل من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئًا» يتناول الرواية بواسطة وبلا واسطة، وإذا لم يرو عمن كان كذلك بواسطة فَلَأن لا يروي عنه بلا واسطة أولى؛ لأن المعروف عن أكثر المتحفظين أنهم إنما يتقون الرواية عن الضعفاء بلا واسطة، وكثيرًا ما يروون عن متقدمي الضعفاء بواسطة.

وهذه الحكاية تقتضي أن يكون البخاري لم يرو عن أحد إلا وهو يرى أنه يمكنه تمييزُ صحيح حديثه من سقيمه. وهذا يقتضي أن يكون الراوي على الأقل صدوقًا في الأصل، فإن الكذاب لا يمكن أن يعرف صحيح حديثه.

فإن قيل: قد يُعرف بموافقته الثقات. قلت: قد لا يكون سَمِع، وإنما سرق من بعض أولئك الثقات. ولو اعتدَّ البخاري بموافقة الثقات لروى عن ابن أبي ليلى ولم يقل فيه تلك الكلمة، فإن ابن أبي ليلى عند البخاري وغيره صدوق، وقد وافق الثقات في كثير من أحاديثه، ولكنه عند البخاري كثير الغلط بحيث لا يؤمَن غلطُه حتى فيما وافق عليه الثقات. وقريب منه من عُرف بقبول التلقين، فإنه قد يلَقَّن من أحاديث شيوخه ما حدَّثوا به ولكنه لم


(١) عقب حديث (٣٦٤). وما بين المعكوفين بعده من المؤلف.