إن كان بإذن الله ــ كما هو الواقع ــ والذي نقرُّ به فقد تبيَّن أنَّه ليس للمسيح إلَّا السَّبب؛ إذْ افْتَقَرَ إلى إذن غيره.
وإن قلتَ: إنَّه بلا إذن من الله تعالى فهذا كذبٌ بحتٌ، وتكذيبٌ لكتب الله تعالى.
ثمَّ ذكر حديث مسلم (١): "ما من مولودٍ إلَّا والشيطان ينخسه إلَّا عيسى ابن مريم وأمَّه"، وسأل عن عِلَّة التَّخصيص؟
فيُقال له: يا مخذول ما من نبيٍّ من الأنبياء إلَّا وله مزايا، فلو كان كل من له مزيَّةٌ يستدلُّ بها على إلهيَّته لامتلأت الدنيا آلهةً!
ثم عاد المخذول في إنكار التَّحريف، وزعم أنَّه لا حامل لليهود على زيادة ذلك في توراتهم؛ لأنَّه ينادي عليهم بالكفر.
أقول: لم أقف على هذا الفصل من التوراة، حتى أتأمله على صحَّته، ولكن الجواب ــ وبالله الثِّقة ــ من وجهين:
الأول: أنَّه كان في التوراة المنزَّلة ذكر عيسى عليه السَّلام وزمنه وصفته .. الخ، فلمَّا تلاعبت الأيدي بالتوراة ودسَّت ذلك جعله هذا المخذول دليلًا على التثليث. قد ذكر [ ... ] في التوراة كثيرًا من الناس باسم ابن الله، وأبناء، وزوجة، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، فلمَّا بُعِث المسيح كانت التوراة قد انتشرت قليلًا، فلم يمكنهم إزالة ذلك.
الثاني: أن يكون اليهود بعد وفاة المسيح علموا أنَّه إذا ثبت دينُه كانت