للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد أصيب ولدي بالمرض الذي يعتري الأطفال ويسميه الأطباء "أمَّ الصبيان" (١)، فقالت بعض العجائز لامرأتي: ينبغي أن تَفْدُوا عنه بذبيحة، فقالت لي زوجتي: فقلت لها: الفِدية إنَّما تكون مرَّةً واحدة، وهي العقيقة، وقد عملناها، ثم رأيتُ زوجتي اشترت دجاجة فظننتُ أنَّها تريد تذبحها لأهل البيت، ثم فقدتُ الدجاجة، فتوهَّمتُ أنَّها أَرْسَلَت بها، فأُطْلِقَت في الصِّحراء، فأنكرت عليها ذلك، وعرَّفتها أنَّ هذا الفعل خطر على الدِّين، وأنِّي أرى هلاك ولدي وهلاك أمِّه وهلاكي وهلاك كل من نحبُّه خيرًا لنا من مثل هذا الفعل.

ثم لم تلبث زوجتي أن عَرَفَت أنَّ الذي بالطِّفل مرضٌ من الأمراض، ينشأ عن القَبْض وغيره، وينفع الله فيه بالأدوية، فزال عنها اتِّهام الشيطان.

ثم بعد مدَّة طويلة أصيبت هي بالمرض الذي يسمَّى "اختناق الرَّحِم" (٢)، واشتدَّ عليها حتى خُولِطَت في عقلها، وكانت تعرض لها عوارض شديدة من التشنُّج والحركات المضطربة وغير ذلك، وصادف حدوث ذلك بعد أن وقعت بينها منافرة وبين بعض النساء فتوهَّمَتْ أنَّ ذلك سِحْرٌ.


(١) أم الصِّبيان: الحاصل من كلام المتقدمين أنَّه: تشنُّجٌ يصيب الطفل بسبب الحمَّى. فأهل اللغة ذكروا أنَّه: ريح تَعْرِضُ للصبيان فربما يُغشى عليهم، وقدماء الأطباء كابن البيطار وابن سينا والأنطاكي قالوا: إنَّه نوع من الصَّرع، وقد يقتل من أصيب به. وقال في "بحر الجواهر في تحقيق المصطلحات الطبِّية" (ص ٣٦): "هو الصرع الصفراوي". ويُنظَر أيضًا: "القانون" لابن سينا (٢/ ٧٨).
(٢) اختناق الرَّحِم: الحاصل من كلام الأطبَّاء المتقدمين كابن سينا وغيره أنَّه: آلام وأوجاع في الرَّحِم تتعدَّى إلى غيره فيصيب المرأة غشي، سببه احتباس دم الطَّمث عن المرأة.
ويُنظَر: "القانون" لابن سينا (٢/ ٧٧)، و"الحاوي" للرازي (٩/ ٥٦).