للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب: أن ابتغاء فضيلةٍ ورجاءها بأمارةٍ ضعيفة إنما يجوز فيما يكفي في ثبوته دلالة الحسّ والمشاهدة والقرائن، وذلك كمعرفة أن فلانًا عالم، وفلانًا فقير، وفلانًا صالح؛ فإنّ توقير العالم والصالح ومواساة الفقير فضائل ثابتة بالشرع. ولكن معرفة أن فلانًا عالم وفلانًا صالح وفلانًا فقير [ص ٣٧] لا تتوقّف على الحجج النقلية بل مدارها على الحسّ والمشاهدة والتسامع والقرائن، فإذا وُجِدت أمارة ضعيفة أن فلانًا فقير ــ مثلًا ــ كان للمكلّف ابتغاءُ فضيلة الصدقة عليه استنادًا إليها، وذلك كأن يرى ثوبَه خَلَقًا. ويُعتدّ هنا بالأمارات التي لا تثبت بها الأحكام الشرعية، وذلك كخبر الكافر والفاسق والصبي، وكالرؤيا ونحوها.

وليس مسألتنا من هذا القبيل في شيء وإنما هي من قبيل الأحكام الشرعية التي إنما يُستدلّ عليها بالحجج المعتبرة شرعًا في ثبوت الأحكام. وهذا واضح والحمد لله.

ومنها: أن يُقال: إذا جاز أن يفعل المباح، ويختار صيام يوم معيّن، وقيام ليلةٍ معيّنة لمجرَّد سبب دنيوي، وذلك كالتختُّم بالعقيق تزيُّنًا به، وصوم ثاني يوم من صَفَر لأنه كان فارغًا فيه، وقيام ليلته لأنه سهر فيها، فكيف لا يجوز لسبب ديني وهو التماس فضيلة زائدة ولاسيما إذا ورد بها ضعيف.

والجواب: أن التزيّن واغتنام الفراغ والسهر ليس فيها كَذِب على الله ولا تكذيب بآياته ولا زيادة في دينه، وعليك أن ترجع إلى ما قدمنا من الأسئلة التي تورَد على من تحرّى النومَ في ضوء القمر ونحو ذلك، زاعمًا أنه يُرجى لفاعله الأجر والثواب.