للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الظاهر لا يبقى بعد قيام الدليل الظني المعتبر.

٦ - قبوله تقليدٌ، فلا يجوز للمجتهد.

وأجاب (١) بما حاصله أننا إنما منعنا تقليد مجتهد لآخر لاستوائهما، ولا مساواة هنا فإن الراوي استبدَّ بمعرفة الحديث.

أقول: هذا يحتاج إلى إيضاح، وهو أن زيدًا المجتهد إن أراد أن يقلد بكرًا المجتهد، فإن كان معه في المجلس ــ مثلًا ــ فلا معنى للتقليد، بل عليه أن يبحث معه، فإن نبَّهه على دليل لم يكن عرفه، أو كان غافلًا عنه، أخذ بذلك الدليل اجتهادًا لا تقليدًا.

وإن لم يذكر له دليلًا، أو ذكر دليلًا لا يراه زيد كافيًا، فلا وجه للتقليد؛ لأنه إذا لم يذكر دليلًا بعد السؤال فالظاهر أنه لا دليل له. وإن ذكر دليلًا لا يراه زيدٌ كافيًا فكيف يقلد من يعلم أنه إنما استند إلى ما لا يكفي؟

وإن كان بكرٌ بعيدًا عن زيد بحيث لا يتيسر له البحث معه، أو كان قد هلك، فبعد أن بحث زيدٌ ونظر، ولم يجد دليلًا صحيحًا موافقًا لقول بكرٍ، فقد حصل له ظن أنه لم يكن لبكرٍ دليل صحيح على ما ذهب إليه، فكيف يقلده مع هذا؟!

ثم أقول: نعم، إذا تحير زيدٌ بعد البحث والتفتيش، فلم يجد دليلًا على ما يوافق بكرًا ولا على ما يخالفه، فقد قيل بأنه إذا غلب على ظنه أن بكرًا وقف على دليلٍ لم يقف عليه هو= أن يقلده. وهذا قوي.


(١) أي الآمدي في "الإحكام" (٢/ ٩٩، ١٠٠).