للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٣٩] فصل ــ ٢

التابعون

التابعيُّ: مَن أدرك بعض الصحابة، ورأى بعضهم، وسمع منه سماعًا يُعتدُّ به، بأن يكون السامع مميزًا، وقيل: بل تكفي الرؤية مع التمييز.

والذي يظهر في حديث: "خيرُ الناسِ قرني، ثمّ الذين يلونهم" (١) أن الدخول في "الذين يلونهم" يُشْترط فيه زيادة على ما تقدَّم، قال ابن الأثير في "النهاية" (٢) عن أبي عبيد الهروي: "فيه: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم" يعني الصحابة ثم التابعين (٣)، والقرن أهلُ كلّ زمان، وهو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان، مأخوذ من الاقتران، وكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم، وقيل: القرن أربعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: مائة".

أقول: والقول الثاني كأنّه ضابط تقريبيّ للأول.

هذا، والقرون تتداخل ــ أعني أن القرن الأول إذا أخذَ في النقصان أخذ الذي يليه في الزيادة، وهكذا ــ فقد يقال: إن قَرْنه صلى الله عليه وآله وسلم بقي على الغلبة إلى تمام ثلاثين سنة من الهجرة، ثم أخذ في الضعف، وذلك حين بدأ الناسُ في الإنكار على أمراء عثمان، وأخذ القرنان يصطرعان، فكان


(١) سبق تخريجه.
(٢) (٤/ ٥١).
(٣) "الغريبين": (٥/ ١٥٣٣ - ط نزار الباز).