أقول: أما كلمة الشافعي الأولى، فقد اعترف الأستاذ بما يوافقها وزيادة، فدلَّ مجموع كلامه على أن لأبي حنيفة كتبًا من كتب الفقه، وهي الأبواب العظيمة فيه ككتاب «الوقف» وكتاب «المزارعة»، يرى الأستاذ أنها لا تزيد على خمسة كتب بناها أبو حنيفة على ما ليس بحجة، وهو مع ذلك مخالف للحجة، ثم فرَّع فروع تلك الكتب كلّها على ذلك، فأصبحت فروع تلك الكتب كلّها غير مقبولة، ولم يرجع عنها أبو حنيفة، وإنما ردَّها صاحباه من بعده.
وأما كلمة الشافعي الثانية، فقد وقع في لفظها اختلالٌ ما، كما ذكره الأستاذ، وحاصلها أن الشافعي رأى لأصحاب أبي حنيفة كتابًا عدد أوراقه مائة وثلاثون، ثمانون منها مخالف للكتاب والسنة. واعترافُ الأستاذ بالأولى اعترافٌ بإمكان هذه؛ كأن يكون في ذلك الكتاب بعض تلك الكتب المردودة، ككتاب «الوقف» وكتاب «المزارعة» مع كتاب آخر أو أكثر.
وأما مطاعنه في فقه الشافعي فتتلخص (١) في أمور:
الأول: أنه رجع عن قديمه وأمر بغسله.
[١/ ٤١٨] الثاني: أنه يذكر في المسألة قولَيْن ولا يرجع.
الثالث: أن فروع مذهبه يكثر فيها عدم الجريان على أصوله.
فأما الأول، فالأستاذ يعلم قبل غيره أنه يركب فيه المجازفة الفاحشة والكذب المفضوح، فإنه يعلم أنه لا بدّ أن يكون في القديم كثير من المسائل