للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد مرت الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة على عدم سماعهم وعدم دعائهم فراجعْها (١). ولا ريب أن فاعل ذلك مخالف لتلك الأدلّة، وبمراجعتها يتبيّن حكم مخالفها.

وأما إن طلب منهم غير الدعاء فالأمر أشدّ، وفيه نحو ما سبق قريبًا.

وأما الفرقة الثانية، وهم الذين يعتقدون أن الله تعالى يبلّغ الصالحين غائبين أو موتى، فهؤلاء مكذّبون لصريح الكتاب والسنة، فإن التبليغ إنما يقع للأنبياء في حال حياتهم في بعض الوقائع لا في جميعها. [٨٢] ومع ذلك فإنما يجوز في حال حياتهم أو غيبتهم أن يقال كما قال عاصم: «اللهم أخبر عنا رسولك» (٢).

وأما أن الله تعالى يقبل رجاءهم، فهذا صحيح في حقّ الأنبياء عليهم السلام غالبًا لما مرّ، ومع ذلك فالطريق في سؤالهم ذلك: أن يُسأل منهم الدعاءَ حال حياتهم. وأما إذا كانوا غائبين أو قد ماتوا فإنما يقال: اللهم شفِّع نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم فينا، ونحوه مما ثبت بالدليل.

وأما غير الأنبياء فإنما المشروع أن يُسأل منهم الدعاء في حال حياتهم، وأما بعد موتهم فإنما الجائز أن يسأل من الله تعالى أن يجعله مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقًا.

وأما الفرقة الأولى، وهم الذين يثبتون للأنبياء والصالحين الكشفَ الصادق في السموات والأرض عمومًا، ويثبتون لهم التصرّف فيما بين ذلك، مُسْنِدين ذلك إلى الإذن الربّاني، فهؤلاء في إثباتهم للأنبياء الكشفَ في ما


(١) (ص ٣٩٩ وما بعدها).
(٢) سبق تخريجه (ص ٤٠٣).