للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين السموات والأرض عمومًا مكذّبون لكتاب الله تعالى وسنة رسوله، لما مرّ بيانُه في المقام الأول، وفي إثباته للصالحين أشدّ تكذيبًا للكتاب والسنة. وفي إثبات التصرُّف فيما بينهما عمومًا مكذّبون لكتاب الله تعالى وسنة رسوله لما مرّ بيانه في المقام الثاني.

ثم إن ما خالف كتاب الله وسنة رسوله فهو باطل، والمبطل في العقائد غير معذور عند الجمهور. وفوق ذلك فمخالفة كتاب الله تعالى في الاعتقاد لا تخلو أن تكون صريحة أو غير صريحة، فغير الصريحة تكذيبٌ له غير صريح، وهذا خطأ في الاعتقاد، وقد مرّ أن صاحبه غير معذور عند الجمهور. وأما الصريحة فهي تكذيب صريح لكتاب الله تعالى، [ص ٨٣] وتكذيبه الصريح كفر صريح. وهذا كتاب الله تعالى بين أيديكم، وهذه اعتقاداتكم، فانظروا أين منزلتكم؟

ثم إن الاستعانة والاستغاثة والاستعاذة ونحوها من أقسام الطلب إن كانت مما جرت به العادةُ المشتركة بين سائر البشر، فالأصل جوازها حتى يرد الشرع بالمنع. وإن كانت فيما لم تَجْرِ به العادة؛ بأن يطلب من مخلوق ما لا يقدر عليه البشر عادة، فهذه من العبادة، قال الله عزَّ وجلَّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ... } الآية [غافر: ٦٠]. وفي الحديث عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه (١). وفي رواية للترمذي عن أنس


(١) سبق تخريجه (ص ٤٠٨).