للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، والخوارج عرب فصحاء، بِلُغتهم نزل القرآن، وإنما أُتُوا من جهلهم بالهدي النبوي، واستغنائهم عن الاهتداء بالعارفين به من الصحابة.

فما بالك بزماننا هذا وأنت تجد فيه أفرادًا من الأعاجم لا يستطيع أحدهم تركيب جملة صحيحة بالعربية، وليس عنده من معرفة السنة وتفاسير السلف قليل ولا كثير، ثم تجده يخوض في آيات الله عز وجل خوض المُدِلِّ بنفسه، فينظر في الآية، ثم يتتبع معاني ما فيها من الكلمات في كتب اللغة، ثم يلفق من ذلك معنى كما يوافق هواه، فيزعم أنه مراد الله عز وجل، ثم يبني على ذلك دينًا جديدًا وشريعة مخترعة، ويضلِّل سلف الأمة ويكذّب السنة، إلى غير ذلك؟! فإلى الله المشتكى.

وإنما سقت هذا الفصل تمهيدًا للذي بعده.

[ص ٤٥] فصل

في "جمع الجوامع" (١): "يجب العمل به ــ أي بخبر الواحد ــ في الفتوى والشهادة إجماعًا، وكذا سائر الأمور الدينية ... ، وقالت الظاهرية: لا يجب مطلقًا".

أقول: المعروف عن إمام الظاهرية داود أن خبر الثقة يفيد العلم، كما تقدم، واختار ذلك فحلهم ابن حزم، وكان منهم جماعة محدثون يحتجون بأخبار الآحاد. وإنما يُحكى هذا القول عن الظاهرية عن محمد بن داود والقاساني (٢)، ولا أدري ما صحة النقل، فقد يحتمل أن يقول من يرى أنه


(١) (٢/ ١٥٨) بشرح المحلي وحاشية العطار.
(٢) انظر "إرشاد الفحول" (ص ٤٣).