للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفيد العلم: "لا يجب العمل بما لا يفيد إلا الظن من الآحاد"، فيتوهم سامعه أنه يريد رد أخبار الآحاد مطلقًا، وهو إنما يردُّ أخبار غير الثقات، لأن أخبار الثقات عنده تفيد العلم. فتأمل.

هذا، ومحمد بن داود لم يُذكر عنه معرفة بالسنة، فإنه كان مشغولًا بالعشق، وذكر عن نفسه أنه ابتُلِي بالعشق مذ كان في الكُتّاب، ثم لازمه حتى مات عشقًا؛ لأنه كان يستحل النظر ويتعفف (١)، كما قال عنترة (٢):

أغشىَ الوغَى وأعِفُّ عند المغنمِ

فقد لزمه العشق المُضْنِي من المهد إلى اللحد، وكان غاية في الأدب والظرف.

وأما القاساني (٣) فهو من أصحاب داود، ولا شهرة له، وإنما ذكروا أنه خالف دواد في مسائل نقضها عليه ابن المغلِّس.

وحكي عن عبد الرحمن بن كيسان الأصم ــ من قدماء المعتزلة ــ، وعن تلميذه إبراهيم بن إسماعيل بن علية: أنه لا يقبل خبر الواحد في السنن والديانات، ويقبل في سائر الأحكام (٤).


(١) انظر "تاريخ بغداد" (٥/ ٢٥٩، ٢٦٢).
(٢) شطر بيت من معلقته، وصدره:
يُخبِرْك من شهد الوقيعةَ أنني
(٣) هو أبو بكر محمد بن إسحاق القاساني، ترجمته في "طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص ١٧٦).
(٤) انظر "إرشاد الفحول" (ص ٤٣).